مرصد الأزهر: تصحيح المفاهيم هو أول خطوة للتعريف بالإسلام
كتب:محمد الزهيرى
أكدت وحدة الرصد باللغة الإسابنية ، التابعة لمرصد الأزهر ، أنها تتابع بين الحين والآخَر إصداراتٍ إسبانيّةً حول اللغة العربية الثريّة بالمعاني والأساليب البلاغية التي تتفوق بها اللغة العربية على غيرها من اللغات المختلفة، مشيرة إلى أن الوقتٍ الحالى تشهد فيه الساحة العالمية خلافاتٍ حول الإسلام والمفاهيم الخاطئة التي تُبَثّ هنا وهناك عَبْرَ بعض وسائل الإعلام المختلفة، التي ساهمت بشكلٍ كبير في خلْق صورةٍ لا تَمُتّ إلى الإسلام بصِلَة .
وتابعت “وحدة الرصد”: وإذا أضفنا إلي هذه الصورة العملياتِ الإرهابيّةَ التي تقترفها الجماعات المتطرفة باسم الدين؛ ندرك أن هذا يُسهِم بشكلٍ كبير في ظهور العديد من المصطلحات التي تُستخدم في غير موضعها، إذ تَخرُج عن سياقها الصحيح الذي يَحُثّ على احترام الآخرين وحماية حقوقهم دون النظر إلى الدين أو العِرْق أو اللغة.
وفي هذا السياق، أعدّت الكاتبة الإسبانية “لوث جوميث جارثيّا” كتابًا عنوانه: “قاموس الإسلام والإسلام السياسي”، تتناول فيه بالشرح والتفسير عدّة مصطلحات إسلامية شائعة على الساحة العالمية، وغيرها من المفردات التي تتردد بشكلٍ يوميٍّ عَبْرَ وسائل الإعلام المختلفة.
و”لوث جوميث”؛ هي أستاذةُ اللغةِ العربية بجامعة مدريد، وأستاذة الترجمة بجامعة أليكانتى، وهي متخصصة في الشئون الإسلامية والعربية، درست بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وترجمت العديد من الكتب والدواوين الشعرية عن الكاتب الفلسطيني محمود درويش.
من جانبها قدمت “وحدة الرصد” قراءة وتحليلا لموضوعات الكتاب ، حيث أفادت أنه يُعَدّ “قاموس الإسلام والإسلام السياسي” أبرزَ ما كَتبتْ في حياتها العلمية الثرية بالأبحاث والمؤلفات، في مجال الدراسات العربية والإسلامية. ويتناول “القاموس” جميعَ المُصطلحات التي تتعلق بالإسلام المعاصر، وفي الوقت ذاته يعرض للقارئ الجوانب المذهبية والتاريخية والاجتماعية والسياسية والثقافية لكافّة المصطلحات محلّ الدراسة التي تعرضت للعديد من التفسيرات الفقهية والسياسية .
ويُوضّح “القاموس” -أيضا – مجموعةَ العناصرِ التي ساعدت في ظهور ما يُسَمَّى بالإسلام السياسي، وبذلك فإن هذا المؤلَّف يتناول الإسلام من منظورٍ معاصر، على حَدّ تعبير الكاتبة في مقدمة الكتاب.
كما تُسلّط المؤلفةُ الضوء على التوتر الدائر بين السياسة والمذاهب الفقهية التي بدأت تتبلور مع ظهور الأيدلوجيات والآراء المذهبية المختلفة في أواخر القرن الثامنَ عشرَ، وبذلك فإن “القاموس” هو عبارةٌ عن عملٍ تحليلي سياسي حضاري تعرض الكاتبة من خلاله مجموعةَ العناصرِ التي تتعلق بما يُطلق عليه: صراع الحضارات أو حوار الحضارات، ونشاط الجماعات الإرهابية، فضلًا عن عرضٍ شامل للسياسات الخاصة بالإسلام في الوقت الحاضر.
وأشارت “وحدة الرصد” إلى أنه تأتي هذه الدراسة بسبب الاهتمام المتزايد في الآونة الأخيرة حول الإسلام والتحول السياسي والأيدلوجي الذي يَتنامى يومًا بعد آخَرَ، وكذلك بسبب نُدرة الدراسات المرجعية الاصطلاحية في العالم الإسباني، والتردد السائد في استخدام تلك المفاهيم التي تَجَلّت قبل كل شيء في وسائل الإعلام المختلفة.
وأضافت: رأت الكاتبةُ أن الاهتمام بالإسلام تَنامى بشكلٍ كبير في إسبانيا منذ عَقْد التسعينيات بين شريحةٍ كبيرة من الصحفيين والسياسيين وعلماء الاجتماع والمؤرخين، الذين كان إلمامهم باللغة العربية يَكاد يكون معدومًا، إذ لم يمكنهم من تحصيل المفاهيم المتعلقة بالإسلام بشكلٍ صحيح، بالإضافة إلى نُدْرة المَراجِع التي تُمَكِّنهم من فهم المصطلحات الإسلامية، الأمر الذي دفعهم إلى نقل المصطلح كما هو؛ ممّا أدّى إلى فهم تلك المصطلحات التي أُخرجت عن سياقها اللغوي الصحيح فهمًا خاطئًا؛ ونتج عنه تكوينُ صورةٍ خاطئة حول العالم الإسلامي والثقافة الإسلامية. لذا رأت الكاتبة أنه من الضروري وضْع قاموس يشتمل على تفسير كامل لتلك المصطلحات؛ حتى تكونَ هناك مصادرُ مرجعيّةٌ للباحث والقارئ الإسباني حول كل ما له عَلاقة بالإسلام والمسلمين من مصطلحات توالت عليها عقود من الزمان، دون التوصل إلى الفهم الصحيح في المجتمع الغربي، الأمر الذي دفع الكثيرين إلى إصدار أحكام مُسبقة بالإرهاب ضد كل ما هو إسلامي.
وبالنظر في مجموعة المصطلحات التي وردت في هذا الكتاب؛ نجد أنها تركّزت على مجموعة المصطلحات الأكثرِ شيوعًا مثل: مفهوم الجهاد، والشريعة، والحلال والحرام، والأُمّة، والسنة والشيعة، والمسلم والإسلامي، والإسلام السياسي، وغيرها.
كما وجدنا أن الشرْح المُصاحِبَ لتلك المصطلحات ــمن خلال قراءةٍ أوليةــ يتوافق تمامًا مع ما هو موجود في التراث والثقافة العربية الإسلامية دون تحريف، وهو الأمر الذي يعكس إلمام الكاتبة باللغة العربية وبالثقافة الإسلامية، بالإضافة إلى دراساتها الميدانية التي قامت بها من أجل التوصل إلى الفهم الجيد لتلك المصطلحات، واستنادًا إلى أمهات الكتب العربية وآراء الفقهاء والعلماء وتفسيرهم لتلك المصطلحات.
من جانبه أوضح “مرصد الأزهر” أن معركة المفاهيم هي معركة العالَم الحاليّة؛ مشيرا إلى أنه يرى أن تصحيح المفاهيم ووَضْع كل كلمة في ميزانها الصحيح هو أول خطوة للتعريف بالإسلام وبمفاهيمه الصحيحة والثابتة.
واختتم “مرصد الأزهر لمكافحة التطرف”: و”المرصد” إذ يشكر للكاتبة جهودها وبحثها الجادّ عن الحقيقة؛ فإنه يدعو إلى وقفةٍ عقلانية مع المفاهيم الإسلامية، ويَحُثّ أهلَ الاختصاص على التَّحَلّي بالحيادية والموضوعية حالَمَا يتناولون هذه الموضوعاتِ في كتاباتهم؛ فإنه خيرٌ وأقربُ للصواب.